فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}.
أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي والنحاس في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن الزبير قال: ما نزلت هذه الآية إلا في أخلاق الناس {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وفي لفظ: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني في الأوسط وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله تعالى: {خذ العفو} قال: أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من اخلاق الناس.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق عن إبراهيم بن أدهم قال: لما أنزل الله: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن آخذ العفو من أخلاق الناس».
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي قال: لما أنزل الله: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما هذا يا جبريل؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالم...! فذهب ثم رجع فقال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك».
وأخرج ابن مردويه عن جابر قال: لما نزلت هذه الآية: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا جبريل ما تأويل هذه الآية؟ قال: حتى أسأل. فصعد ثم نزل فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تصفح عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا ادلكم على أشرف أخلاق الدنيا والآخرة؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك».
وأخرج ابن مردويه عن قيس بن سعد بن عبادة قال: لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حمزة بن عبد المطلب قال: «والله لأمثلن بسبعين منهم. فجاءه جبريل بهذه الآية: {خذ الغفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} فقال: يا جبريل ما هذا؟ قال: لا أدري...! ثم عاد فقال: إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة في قول الله: {خذ العفو} قال: ما عفى لك من مكارم الأخلاق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {خذ العفو} من أخلاق الناس وأعمالهم بغير تجسيس {وأمر بالعرف} قال: بالمعروف.
وأخرج البخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس قال: قدم عُيينة بن حصن بن بدر، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس- وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولًا أكانوا أو شبابًا- فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي هل لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعُيينة فأذن له عمر، فلما دخل قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى همَّ أن يوقع به فقال له الحر: يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافًا عند كتاب الله عز وجل.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن مالك بن أنس عن عبد الله بن نافع. أن سالم بن عبد الله مر على عير لأهل الشام وفيها جرس، فقال: إن هذا ينهى عنه فقالوا: نحن أعلم بهذا منك إنما يكره الجلجل الكبير، وأما مثل هذا فلا بأس به، فبكى سالم وقال: {وأعرض عن الجاهلين}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال: خلق أمر الله به نبيه ودله عليه.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلك على خير أخلاق الأوّلين والآخرين؟ قال: قلت يا رسول الله نعم. قال: تعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك».
وأخرج البيهقي عن عقبة بن عامر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة، تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك».
وأخرج البيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صل من قطعك، واعف عمن ظلمك».
وأخرج البيهقي عن عائشة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صل من قطعك، واعف عمن ظلمك».
وأخرج البيهقي عن عائشة. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أدلكم على كرائم الأخلاق للدنيا والآخرة؟ أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتجاوز عمن ظلمك».
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: صل من قطعك، واعط من حرمك، واعف عمن ظلمك».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي من طريقه عن معمر عن أبي إسحاق الهمداني عن ابن أبي حسين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك»، قال البيهقي: هذا مرسل حسن.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لن ينال عبد صريح الإِيمان حتى يصل من قطعه، ويعفو عمن ظلمه، ويغفر لمن شتمه، ويحسن إلى من أساء إليه».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مكارم الأخلاق عند الله أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: رضي الله بالعفو وأمر به.
وأخرج أحمد والطبراني عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتصفح عمن شتمك».
وأخرج السلفي في الطيوريات عن نافع أن ابن عمر. كان إذا سافر أخرج معه سفيهًا يرد عنه سفاهة السفهاء.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن ابن شوذب قال: كنا عند مكحول ومعنا سليمان بن موسى، فجاء رجل واستطال على سليمان وسليمان ساكت، فجاء أخ لسليمان فرد عليه، فقال مكحول: لقد ذل من لا سفيه له.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {خذ العفو} قال: خذ ما عفي لك من أموالهم ما أتوك به من شيء فخذه، وكان هذا قبل أن تنزل براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {خذ العفو} قال: خذ الفضل أنفق الفضل {وأمر بالعرف} يقول بالمعروف.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأرزق قال له: أخبرني {خذ العفو} قال: خذ الفضل من أموالهم، أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ لك. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول:
يعفو عن الجهل والسوآت كما ** يدرك غيث الربيع ذو الطرد

وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن السدي في قوله: {خذ العفو} قال: الفضل من المال، نسخته الزكاة.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال: نزلت هذه الآية: {خذ العفو} فكان الرجل يمسك من ماله ما يكفيه ويتصدق بالفضل، فنسخها الله بالزكاة {وأمر بالعرف} قال: بالمعروف {وأعرض عن الجاهلين} قال: نزلت هذه الآية قبل أن تفرض الصلاة والزكاة والقتال، أمره الله بالكف ثم نسخها القتال، وأنزل {أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} [الحج: 39] الآية. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}.
من خصائص سُنَّةِ الله في الكرم أنه أمر نبيَّه- صلوات الله عليه وعلى آله- بالأخذ به، إذ الخبر وَرَدَ بأنَّ المؤمن أخذ من الله خُلُقًا حسنًا. وكلما كان الجُرْمُ أكبرَ كان العفو عنه أجرَّ وأكمل، وعلى قَدْرِ عِظَم رتبة العبد في الكرم يتوقف العفو عن الأصاغر والخدم، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الجراحات التي أصابته في حرب أحد: «اللهم اغفِرْ لقومي فإنهم لا يعلمون».
قوله: {وَاْمُرْ بِالعُرْفِ}: أفضل العرف أن يكون أكمل العطاء لأكثر أهل الجفاء، وبذلك عامل الرسول- صلى الله عليه وعلى آله- الناسَ.
قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ}: الإعراض عن الأغيار بالإقبال عن من لم يَزْل ولا يزال، وفي ذلك النجاة من الحجاب، والتحقق بما يتقاصر عن شرحه الخطاب. اهـ.

.قال التستري:

قال تعالى: {خُذِ العفو} [199] أي الفضل في أموالهم التي هي وديعة الله عندهم، لأن الله تعالى قد ابتاعها منهم، فليس له نفس ولا مال.
قيل له: فأين نفسه؟ قال: دخلت تحت مبايعة الله تعالى.
قال: {إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجنة} [التوبة: 111]. اهـ.